تخيل قارئي شابًا في العشرينات من عمره، يحمل بداخله
أحلامًا وطموحات كبيرة، لكنه يرى أن حياته الحقيقية ستبدأ فقط عندما يحقق تلك
الأحلام والطموحات. يمر الوقت وهو ينتظر تحقق كل ذلك ليبدأ الاستمتاع بالحياة،
متجاهلاً الفرص والنجاحات الصغيرة التي تأتي على طريقه. لذلك يكسو حاضره الملل
والانتظار، دون أن يدرك أن الحياة تحدث الآن، في هذه اللحظة. وهذه هي يا قارئي
متلازمة انتظار بِدء الحياة.
متلازمة انتظار بِدء الحياة (Delayed
life syndrome) هي طريقة تفكير وتصرف تزداد في الفترة
العمرية بين 20 و50 عامًا، وليست مرضًا نفسياً. طريقة التفكير هذه تجعلك تشعر بأنك
غير قادر على بدء الاستمتاع بعيش حياتك حتى "تحقق هدفًا ما " أو يأتي
" الوقت المناسب".
يمكن أن يكون هذا الحدث أيّ شيء، مثل: الحصول على وظيفة،
الزواج، الانتقال إلى مدينة جديدة، تحقيق هدف بعيد المنال، أو حتى مجرد انتظار
تغير الظروف المحيطة. في تلك الأثناء يشعر الشخص أن حياته الحالية هي مجرد تحضير
أو انتظار للحدث الكبير الذي سيغير كل شيء.
سبب كتابتي لهذه المقالة هو تأثير طريقة التفكير السلبية
هذه عليك من الناحية النفسية. فهي تجعلك ترى حياتك من منظور ضيق؛ فتنسى الاستمتاع
بما لديك، وتركز على عدم امتلاكك لِما تُريد، وتضعك في دوامة قلق مستمر حول
المستقبل وعدم اليقين يمكن أن تضر بصحتك النفسية، وتقودك لتأجيل الأهداف
والمشاريع؛ مما يؤدي إلى ضعف إنتاجيتك وشعورك بالفشل.
وكيف تدخل هذه المتلازمة لحياتك؟
- توقعات مجتمعية أو عائلية تشكل عامل ضغط عليك لتحقيق شيء معين قبل أن تبدأ عيش حياتك. فعبارات، مثل: لما تتخرج من الجامعة ترتاح، أو لما تتزوج افعل ما تُريد، تندرج تحت ذلك.
- نقص في تقدير ذاتك؛ لأنك تربط قيمة نفسك بمقدار إنجازاتك لا بمن تكون؛ نتيجةً لذلك تصبح في ركض مستمر خلف إنجازات أكبر دون الاستمتاع بالحاضر وإنجازاتك الحالية.
- التركيز على الجوانب المادية بالحياة أكثر من الروحانية يجعل سعادتك تتعلق بالكمية بدلاً من النوع؛ فتعتمد السعادة عندك على مقدار ثروتك وقوتك وشهرتك، وهذه العوامل غالباً ما تكون لها تأثير إدماني يُبعدك عن الرضا والقناعة.
- نمط الحياة السريع الذي نشأ من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، يولد داخلك شعورًا زائفًا بالتأخر عن الآخرين، على الرغم من أن الواقع يظهر أن كل شخص سيصل إلى ما يريده في الوقت الملائم له ولظروفه.
ما الحل؟
متلازمة انتظار بِدء الحياة هي طريقة تفكير وتصرف يمكن
أن تعيق الإنسان عن الاستمتاع بحياته وتحقيق أهدافه. من خلال فهم الأسباب والأعراض
والتأثيرات النفسية لهذه المتلازمة، يمكنك العمل على تغيير نمط تفكيرك والبدء في
تحقيق أهدافك دون انتظار الظروف المثلى. تذكر دائمًا أن الحياة تحدث الآن، وأن كل
لحظة تحمل في طياتها فرصة جديدة للاستمتاع والنجاح.