هل الظروف
عذر لتصرفاتنا أم بيدنا تغيير ردة فعلنا تجاه ما نواجه حتى لا نصبح ضحيته؟
1| ملخص رواية أشجار لا تظلل العاشقين:
صفوان يحقق في حقيقة حادثة أمه، والتي تورطت فيها صاحبة وشم في بيت الكرملاوي، ليتفاجأ بعدها بامتلاك 4 نساء الوشم نفسه. فماذا يفعل بقلبه الذي بدأ بالحياد عن مسار خطته؟ والأسرار التي كُشفت في أثناء بحثه عن حقيقة حادثة أمه؟
رواية رومانسية وغموض راقت لي.
2| معلومات عن رواية أشجار لا تظلل العاشقين:
ألفت القصة نرمين نحمد الله، صيدلانية مصرية، وروائية مميزة؛ لكون مؤلفاتها على الإنترنت أعجبت الكثير من القٌراء، ثم لجودة ما تكتب -بناءً على قراءتي هذه الرواية- نجحت في النشر الورقي، ناشرتًا العديد من الروايات من 2019 إلى هذه السنة، وكانت رواية الرومانسية والغموض "أشجار لا تظلل العاشقين" أحدث إصدارتها في مطلع 2024، والتي امتدت على مدى 351 صفحة.
3| رأيي بالرواية:
الرواية بدأت
بموقف ألصق حاجبي بأعلى جبهتي. إمراه قلبها كان بحكايتين حب مع أب وابنه! لكنها
هاربة من أحدهم وحامل من الآخر! ثم يحدث مرور زمني لأتعرف على 4 نساء يعيشون في
بيت الكرملاوي، ولكل واحدة قصة مميزة جعلتني أتفكّر في تساؤل مهم: هل الظروف عذر
لتصرفاتنا أم بيدنا تغيير ردة فعلنا تجاه ما نواجه حتى لا نصبح ضحيته؟
ما راقني بهذه الرواية هو عمق الشخصيات وقربها من الواقع، فهي أول رواية أقف عاجزة عن تحديد من هو شرير الرواية الذي أستفيض في ذمه بقسم حواري مع الشخصيات.
شخصية
صابرينة، كانت من الشخصيات التي آلمتني قصتها، فبالرغم من عدم منطقية لوم طفل على
خطيئة والديه، المجتمع حولها حملها وزر فعلتهم من سن صغيره دون حق، فتشوهت صورتها عن
نفسها رغم براءتها. كان من المؤلم قراءة حوارها الداخلي وحيرتها، هل تصدق البقعة
البيضاء بداخلها أم هي صبّارة كما كرر عليها المجتمع.
جمال الرواية
كان في إعطاء الكاتبة كل شخصية نصيبها من سرد الأحداث دون إسهاب، فجسدت ظلم تقاليد
المجتمع للرجل والمرأة سواءً، والتي ينتج عنها في بعض الحالات عوائل تشبه بيت
الكرملاوي الذي ليس فيه مكان لأيّ بهجة وحب صحي.
فالرواية بينت تأثير تلك التقاليد الرجعية، من إجبار الرجل على أن يكون جذع شجرة يقف صامدًا، حتى لو كسرته عاصفة دون الاهتمام أنه إنسان، وحتمية كون المرأة ماهرة في ترقيص كرات الدراسة والعمل ورعاية البيت والزوج في آنٍ واحد، وإلا حلت عليها سخرية المجتمع.
أيضًا ناقشت الرواية مفاهيم الحب والغيرة المغلوطة بين الزوجين في قصة آدم وزوجته، ووصم الناس بذنوبهم حتى لو تابوا، وتقديس "كلام الناس" الذي يقود لتبرير تصرفات ظالمة في سبيل المحافظة على لمعان الصورة الاجتماعية.
ما راقني كثيًرا بالرواية هو التسلسل المنطقي للأحداث ثم التغيرات غير المتوقعة في حبكة القصة وانكشاف الأسرار، وتناسب الحوارات مع الأحداث دون حشو عبارات من أجل أن تصبح اقتباسات، وأيضًا تناسب عنصر الرومانسية مع الغموض في أثناء سرد أحداث الرواية.
الغموض الذي
حجب سبب تقرب صفوان من أرجوان، الانطباع الأول الباهر ثم مقاربة الزمان والمكان في
لقاءاتهم دون تعدي حدود الأدب كالقبلات، ثم الحوارات القصيرة المؤثرة بينهم، كل
ذلك التسلسل عجبني، وارفع القبعة لنرمين بحبك هكذا قصة، وأشعر أنني سأقتني المزيد
من مؤلفاتها بالمستقبل.
ما يعجبني في
الروايات الرومانسية العربية أنها-بناءً على قصص الفلكلور السعودي مثل قيس وليلى-
تكون مبنية على مشاعر طاهرة لا يدنسها ملامسة، أو يغطيها سواد الليل خوفًاـ لذا
نعم أعجبتني الرومانسية بين الشخصيات، لكن لم يرق لي ملامسة اليدين دون عقد نكاح.
النهاية لم
تُبرد قلبي بنعمان، لكنها كانت عادلة تجاه جميع الشخصيات، واختم المراجعة باقتباس
جميل من الرواية يبرر النهاية:
ثمة عقاب لا يشعر به الجسد إنما تكتوي به الروح، وثمة مكافأة لا يُتوّج فيها الرأس إنما يرقص معها القلب، هو حكم القدر الذي يجزينا عن رضانا به رضا عنه.
4| حواري مع الشخصيات:
للتذكير: هذا
قسم أتحدث فيه بفكاهة وبغير حيادية عن مشاعري تجاه شخصيات الرواية؛ لأنني دائما
أكون محايدة في قسم رأيي بالرواية.
- صابرينه
أنت أول شخصية احتار في موقفي تجاهها رغم سوء أفعالها، أتفهم تصرفاتك، لكنني لا أستطيع الاتفاق معها.
-
أرجوان
- آدم
أتمنى أن تختنق قهرًا!
اخرس!
لا أهتم بما جرى لك سابقًا، ما فعلته وأنت بالغ لا يُغتفر، يا كذاب يا منافق ، أتمنى أن تحبك جنية تلاصقك بكل مكان، حتى تعرف كيف يكون الرعب على أصوله، تزورني رغبة في لكمِكَ عقابًا على ما فعلت.
- نعمان
للأمانة أنت
بالذات كلما رأيتك تعاني رددت "عساك من هالحال وأردى"؛ لأن بيدك تغيير
الظروف، أنت تستحق إمراه تنهب ما وراك ودونك، وتتركك على الحديدة أنت ونسب
الكراميل الذي صّدعت رأسي به في الرواية عقابًا على ما اقترفته.
- صفوان
استمتعت بمصارعتك مشاعرك تجاهها، رغم أن نهايتك
لم تكن كافية بنظري.
5| اقتباسات اعجبتني من رواية أشجار لا تظلل العاشقين:
- الرضا بالواقع المرير المعلوم أهون من المخاطرة لأجل حلاوة المجهول.
- يقولون: السكوت علامة الرضا! الحمقى! ألم يسمعوا عن صمت المقهور.. المترفع.. الصبور.. المشمئز.. والزاهد؟ ليس كل سكوت علامة رضا.
- كلنا أسرى إطار الصورة التي وضعنا فيها.. أحيانًا يختفي الحد الفاصل بين الحماية والسجن، فيصيران متشابهين تمامًا!
- الحب الذي يجلد أحد طرفيه صاحبه ليس حبًا! الحب الذي تشعرين فيه أنك أم تشكو عقوق صغيرها ليس حبًا.. أيتها الغافلة!
لا تنسوا مشاركتها مع قُراء آخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليستفيدوا.
ألقاكم في تدوينة أخرى ممتعة ومفيدة.