وعدتكم بعد تحدثي عن طرق علمية للتغلب على التفكيرالزائد أنني سأتحدث في مقالة منفصلة عن الروتين الذي جعلني أتخلص منه.
استغرق الأمر مني ما يقارب السنة لمشاركة هذه المقالة معك قارئ مدونتي
العزيز؛ بسبب رغبتي إخبارك تجربتي بعد أن أنجح بها. اليوم بفضل من الله تخلصت من التفكير الزائد، وهززت فنجال القلق المفرط.
هنا أشارك معك قارئي العزيز تجربتي الشخصية في ذلك، وأشاركها
معك كدليل على أن التخلص من التفكير الزائد أمر ممكن، أو تلهمك بإمكانية التخلص من
عادة سيئة لديك تتعبك.
التخلي عن العادات القديمة صعب
خلال ما يقارب السنة اكتشفت في أثناء محاولتي خلق روتين
أتبناه في حياتي يساعدني على تنشيف ريق التفكير الزائد، أن العادات القديمة مثل
الاستلقاء على وسائد ناعمة تحتضن جسدك، بينما المكيف على 19 درجة، وتبنّي عادات
جديدة في البداية هو الخروج من هذه الغرفة لأشعة الشمس الحارقة، لذا بداية رحلتي
كانت كيف أجعل مخي يعكس الصورة، ويجعل العادات القديمة مزعجة كحرارة الشمس الحارقة
لأستطيع التخلي عنها؟
التفكير الزائد مشكلة لا حل.
حتى أعي بكون التفكير مشكلة احتجت إلى تتبع بداية هذه العادة، ويا قارئي صدمني كيف أن أمراً صعباً بنظري اكتشفت أن حله سهلٌ جدًا! كل ما احتجت فعله للوصول لجذر عادتي السيئة في التفكير الزائد كان فقط كتابة السيناريوهات التي اخترعتها تلك المزعجة قريبتي تفكير زائد.
تخيلوا أن ما رأته
عيني على تلك الورقة جعل هالورينا التي بداخلي تخجل، كيف لشخص مثلي شغوف جدًا
بمراجعة الكتب أن يصدق سيناريوهات غير منطقي مثل المكتوب بالورقة أمامي، رغم أني
لو رأيت مثل هذه السيناريو في رواية أراجعها لانتقدتها لعدم منطقيتها.
بالنسبة لي نشأ التفكير الزائد عندي بعد منعطف مفاجئ قاسٍ واجهني في حياتي المهنية، مما جعلني أشعر بالقلق من المستقبل، وأعيد التفكير بالقرارات التي اتخذتها بالماضي واستمرارية المدونة، كل ذلك وأنا عالقة في نتائج هذا المنعطف دون اتخاذ أي خطوة على أرض الواقع للمضي قِدَمًا بسلام من هذا المنعطف.
كان ظاهرًا جدًا لدي أضرارالتفكير في منتصف شهر مايو 2023، وبعد الاستعانة بالله
ثم قراءة العديد من الدراسات العلمية وأجزاء من كتاب العادات الذرية ولماذا ننام؛
لاتخاذ خطوات فعلية من تبني عادات جديدة وتحسين جودة نومي، وهم عاملان يؤدون دوراً
في إخراس آنسة تفكير زائد. شاركت معك هنا الجزء الأول من مقالة تنشيف ريق التفكير
الزائد.
ماذا فعلت بعد نشرِ الجزء الأول من مقالة تنشيف ريق التفكير الزائد؟
بعد قراءة العادات الذرية اكتشفت أخطائي السابقة في خلق
روتين صحي. من الأمور الخاطئة التي كنت أفعلها كانت الرغبة في فعل أشياء كبيرة
تناقض روتيني اليومي، كأن أرغب تسلق جبل بينما أنا أغيش بمدينة،
لذا بديت أضع عادات صغيرة حتى أستطيع الاستمرار بها، وهنا ذكرت الكيفية التي سهلت
علي خلق الروتين.
الاستمرارية في فعل العادة الجيدة، حتى لو توقفت ليوم أو
يومين أهم من الالتزام بها يوميًا.
هذه كانت خطوة ممتعة ومخيفة بالوقت نفسه. سابقًا هذه
القريبة المزعجة كانت تحب أن تعمل من الحبة قُبة، وتكبر كل شيء بداخل رأسي، وتبصم
بفشل كل أمر أقدم عليه دون:
أولاً: قضاء وقت طويل بالتدرب عليه؛ مما يعني أنني أؤخر
الإقدام على خطوات حتى أشعر أنني 100% متأكدة منها.
ثانيُا: امتلاك تجربة سابقة بما سأفعله؛ مما حرمني
من استغلال فرص عديدة.
غير ريقها الذي لا يجف وهي تردد على مسامعي مساوئ تجربة
أشياء جديدة تصيبني بالقلق، طبعًا كل ذلك يا قارئي يدور بعقلي، ويستنزف من وقتي
اليومي لذا أشعر أنه لا يوجد وقت لفعل أشياء أخرى.
لكن أحد الأمور التي أفادتني هي حلقة ياسر الحزيمي في ثمانية، والتي شاهدتها كاملة لأكثر من مرة، ولفت انتباهي كلامه عن الثقة.
يقول ياسر الحزيمي أن الفرق بين الغرور والثقة هو أن الثقة على عكس الغرور مبنية على تجارب سابقة، مثلاً في حالتي الكتابة، لذا عندما أقدم على أمر يحتوي على عنصر الكتابة أنا واثقة بأن نسبة نجاحي به تفوق 50%، لذا قررت إصابة قريبتي تفكير زائد بسكتة قلبية عبر:
- المخاطرة
ما فعلته بالواقع ليس مخاطرة، ولكن بتفكيري السابق كان
التواصل مع جهة للتعاون معها يعتبر مخاطرة، وأشعر أنني أحتاج إلى رقم مليوني من
المتابعين ورقم مليوني من المشاهدات في المدونة، حتى تقبل تلك الجهات التعاون معي.
ما فعلته
أنني استمررت بالنشر في المدونة، ولم أتوقف كما أرادت آنسة تفكير، ولم اكتفي
بالتواصل مع العديد من الجهات للتعاون، بل أيضًا أصررت منذ البداية عليهم أن
التعاون معي في مراجعة كتاب أو أيّ مجال آخر في الكتب سيكون ناتجهُ محتوى حيادياً
وصادقاً، ولن امتدح شيئًا أنا لا أراه يستحق ذلك، ولن أتعاون إلا في كتب أنا
اخترتها وأعجبتني وبمقابل معقول.
هل تحقق سيناريو آنسة تفكير زائد ورفض الجميع التعاون
معي؟ لا، رفض في بداية "مخاطرتي" أغلبهم ذلك بحجة نحن ندفع مقابل مدح
دون انتقادٍ بَنَاءٍ أو حيادية.
خلال ما يقارب السنة تواصل معي أكثر من 20 مؤلفاً -لم
أراجع حتى الآن ولا واحدة من مؤلفاتهم لأسباب عدة - وأكثر من 10 جهات للتعاون معي، تعاونت مع بعضهم.
ومازلت حتى اليوم أتواصل بثقة مع الجهات، بل إن هذه
المدونة الحبيبة والغالية على قلبي بلغت ،بفضل من الله ثم شغفي وحبي للقراءة
والكتابة، ما يفوق مئة ألف مشاهدة من نشري فقط 142 تدوينة مكتوبة، رغم أن السائد في المحتوى هو مقاطع مرئية قصيرة أو نوعًا ما طويلة.
@hlorevi #مراجعات_كتب #booktok عربي #فلوقات #بوكتوك ♬ original sound - مدونة هالورينا لمراجعات الكتب
- التحدث أمام جمهور
على الرغم من أنني كنت بالجامعة أبادر إلى بدأ عرض أيّ مشروع جماعي أمام دفعتي؛ لثقتي بنفسي العالية، لكن بعد تخرجي جعلني العمل المكتبي والتعامل مع الشاشات أهاب الوقوف والتحدث أمام جمهور.
لذا بدأت كل سبت إصابة قريبتي التفكير الزائد بسكتة
قلبية في كل مرة أشارك في مساحة "فطور السبت" بتويتر، حيث ارتجل ملخصًا
في 3 دقائق أو أقل عن آخر قراءتي، اعتمادًا على أسبوع من العمل ومراجعة الكتاب دون
تجهيز نص.
هل انقطع صوتي، وأحرجت نفسي أمام الجمع الغفير من الناس
الغرباء كما قالت المزعجة تفكير زائد؟
بعد أول مشاركة ظننت أن المستمعين فيها من توتري لم
يفقهوا كلمة مما قلت؛ بسبب اهتزاز صوتي وسرعة نطقي للكلمات.
في الحقيقة
ما حدث عند استماعي لنفسي في المساحة المسجلة هو بلعي لحرف في البداية بكلمة، وبان
اهتزاز صوتي توترًا بكلمة تليها ،لكن بعدها كان صوتي متوسط السرعة وواضحاً.
ما ساعدني أكثر أنها مساحة صوتية لا أرى فيها أناسًا؛
مما ساهم في استمراري بالمشاركة، حتى أصبحت قادرة على المشاركة بهذه المساحة بثقة
وأريحية، بل إنه بفضل الله أولاً، ثم هذه المساحة دُعِيت لإقامة أمسيتين أدبية
برعاية الشريك الأدبي من وزارة الثقافة بالسعودية.
🎙️📚 | أمسية أدبية أفدنا واستفدنا منها .
— مدونة هالورينا لمراجعات الكتب (@HloRevi) November 22, 2023
نتقدم بجزيل الشكر والعرفان لمقهى يمام و @TajseedStore على دعوتنا، وشرفنا حضور كوكبة من أدباء المنطقة الشرقية وصناع المحتوى المهتمين بالأدب.
نشكر هيئة الأدب والنشر والترجمة ومبادرتها الرائعة #الشريك_الأدبي على رعايتهم الأمسية. pic.twitter.com/TFsQEHqeBI
- عدم الاهتمام بالأعذار الواهية التي تجذبك للسقوط بعاداتك القديمة
الموضوع تطلب رغبة قوية بداخلي للتخلص من ثرثرة التفكير
التي جعلتني عالقة في رأسي أو كما نقول بالسعودي "صملة" على التغيير.
لذا كنت أفعل روتيني البسيط من رياضة لعشر دقائق، وأمور أخرى بسيطة أحببتها
ووضعتها بروتيني، دون انتظار أن تكون الساعة في تمامها كعادتي، فلو كانت الساعة
8:15 لن أذهب لجوالي، وأضيع الوقت حتى تأتي التاسعة لأفعل روتيني، أو انتظر مزاجاً
جيداً.
- لا أكون قاسية تجاه ذاتي
بعض الأيام تحصل ظروف خارجة عن قدرتي لا أستطيع تنفيذ
عادة من العادات الجديدة في "روتين الصملة" الذي وضعته لنفسي، وهنا أمر
مهم تعلمته في أثناء السنة الماضية هو ألا أقسو على نفسي، بل استمر بفعل بقية
الأمور دون الاهتمام بذلك. كما ذكرت سابقًا العادات القديمة هي أمر أنت معتاد
عليه؛ لذا عند التراجع عن روتينك الجديد ستعود حليمة لعادتها القديمة.
ماذا سيحدث لو استسلمت لقريبتي المزعجة تفكير زائد،
واستمررت بشرب فناجيلها من التردد والقلق المفرط في أثناء اتخاذ قراراتي؟ لم أكن
وصلت لما وصلته اليوم من إنجازات شاركتكم هنا بعضها.
بالنهاية أريد التنويه على أمور مهمة: التمهل في اتخاذ
القرارات أمر طبيعي، والقلق تجاه مشكلة تواجهك هو أمر صحي يدفعك لاتخاذ قرار
لحلها، لكن الإفراط في كل ذلك هو غير الصحي.
هذه المقالة
خلاصة تجربتي الشخصية في التخلص من التفكير الزائد، وأشاركها معك كدليل على أن التخلص
من التفكير الزائد أمر ممكن، أو تلهمك بإمكانية التخلص من عادة سيئة لديك تتعبك.
تدوينة رائعة كعادتك هالورينا
ردحذفلكن ما لفت نظري تاريخ اصابتك بالتفكير الزائد
هو تقريبا قريب للتاريخ الذي اصبت فيه بذات الداء
وسرق مني هناء وصفاء روحي
لحد انني عجزت عن القراءة واصبت بالحبسة القرائية
والحقيقة هذا اسوء ما قد يحدث لأي قارئ وكاتب هاوي
ولكنني بفضل الله استطعت تخطي تلك الأزمة والعوده بلهفة للقراءة والكتابة ومواصلة حياتي دون الداء المميت 🤍
رائع تعقيبك واقعي ومختصر. وهذا ما كنت ابحث عنه
ردحذف