الحياة عبارة عن العديد من الغرف، ومن بداية حياتك إلى أن تصل نهاية
المرحلة الثانوية لن تكون داخل هذه الغرف بمفردك، لكن ستكون لوحدك عندما تقف أمام
الباب الذي يقع خلفه سنوات العشرينيات من عمرك.
غرفة العشرينيات من حياتك، على غِرار أخواتها السابقات، تمتلك ميزة خلق أكثر من مخرج منها وذلك بناءً على قراراتك. دعني أصف لك الغرفة، هي بالغالب بيضاء، تكاد لا ترى حدودها لعدم وجود جدران أو سقف، الشيء الموقن بوجودِه هي الأرضية التي تقف فوقها.
ولنقل إن قراراتك هي محتويات تلك الغرفة من أثاث وهُنا تقع المخاطرة؛ لأن
اختياراتك في هذه المرحلة من العمر ستحدد ما ستكون عليه حياتك بالثلاثين
والأربعين، قد تستطيع تغيير ِدفة الأمور بحياتك بعد العشرينات، لكن أشعر كلما تقدم
الزمن بنا صعب إحداث ذلك التغيير المهول لإعادة توجيه مسار حياتنا.
بالنسبة لي، في بداية العشرينات كان ظهري يلاصق الجدار، داخل غرفة مليئة
بأثاث استسغته وأجهل السبيل لتقبل العيش بوجوده؛ لأنني لم أتجرأ على تغييره. معرفة
أن أقراني يسيرون بخط مستقيم خلال هذة المرحلة العمرية لأهدافهم، بينما كنت عالقة
بخوفي واكتفائي بالنظر لأثاث الغرفة هو ما جعلني أتخبط عندما صفعتني الشجاعة بحده
لترك الجدران واختيار ما أريد أنا من الاثاث.
ذلك جعلني استغرق الكثير من الوقت، لأنني تارة كنت أتجرأ فأبدأ برمي كل
أثاث الغرفة للخارج وفي أثناء ذلك الكثير من القرارات الثورية تتكون برأسي، ثم
أفزع من خطورة تلك القرارات تارةً أخرى فأسرع بإرجاع ما رميته للخارج وأعود
لملاصقة الجدران.
نسيت ذكر تفصيل صغير ذي أثر كبير، أصوات عالية من مرحلة مراهقتي تريد أن
تشاركني ما يجب أن أفعل بحياتي. أنا لست ضد أخذ مشورة من حولي ولكن ضد أن يتم
الضغط علي لإكمال الدراسة بأحد المجالات أو التقدم لإحدى الوظائف، لأن أحدهم يظن
أنه أدرى بمصلحتي. بدلاً من المضي قِدماً بحياتي، كنت عالقة داخل حلقة دائرية
مفرغة.
بالنهاية وضعت منشفة تحت باب مراهقتي فاختفت الأصوات، ثم جعلت الأثاث
القديم خلفي، ووقفت أتأمل الجدار الابيض أمامي وسؤال واحد يجول بداخلي: "ماذا
الذي سأستمر بفعله بكل رضا حتى بعد دخولي لغرف الثلاثينيات والأربعينيات؟"
ما توصلت إليه من إجابة هي أن الحياة مذهلة خارج نِطاق القرارات الآمنة،
إذا امتلكت خطة أ وخطة ب حتى لا ينتهي بك المطاف داخل دوامة متكررة من القرارات.
الخطأ والفشل أمران يجب أن نعترف بوجودهم، الخطأ الاكبر عند حدوثهم هو الإطالة
بالنظر للوراء والتحسر، بدلاً من النظر للأمام والعمل على المضي قِدماً بالحياة. لا
يهم ماذا ستصبح بالمستقبل؟ ما يهم هو هل أنت مرتاح لمسار حياتك أم لا؟
يبدو أنني رميت كل الأثاث وبدأت في المضي قدمًا نحو حلمي.
ردحذف